تعتبر العدالة الاجتماعية مطلباً إنسانياً أساسياً في دولة الحق والقانون؛ ورغم أهميتها العملية كمبدأ سياسي في مختلف المذاهب الفكرية إلا أنها ظلّت مجرد فكرة توجيهية للمشرع؛ يسعى ليسير على هديها في رسم السياسات العامة للدولة، دون أن تلتزم الدولة بالتدخل بشكل ايجابي لإنفاذها؛ فهي لم تكن محل اهتمام وأولوية دستورية في الدساتير القديمة، باعتبار هذه الأخيرة دساتير سياسية بامتياز و ان غرضها تقييد السلطة المطلقة وتنظيمها وتقرير الحرية المفتقدة وضمانها. إن الطابع العام الذي يجب أن ترسخه الدساتير لجهة تحقيق العدالة الاجتماعية، يفترض الاعتراف للأفراد بطائفة من الحقوق تحفظ لهم كرامتهم الإنسانية على سبيل الإلزام الفوري؛ وهي المسماة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية.
ومن هنا فإن أهمية التنصيص على مبدأ العدالة الاجتماعية في الدستور بصياغة واضحة ومحددة من خلال تعداد قائمة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية المضمونة يساعد القاضي الدستوري من ناحية إلزامية هذه النصوص له في التأسيس لأحكامه، فضلا عن اعتناقه للتفسير المرن للمبادئ الدستورية المختلفة، في ضوء مبدأ العدالة على أساس من أفكار العدل الاجتماعي. إن هذا الامر لم يلق حتى اليوم الاهتمام الكافي من قبل الباحثين في مجال القانون الدستوري.
لذا فإن التوجه البحثي للقسم العام يقوم على التعمق في المقاربة الدستورية لموضوع العدالة الاجتماعية من خلال التركيز عليه في العمل البحثي لطلاب الدراسات العليا ومن خلال النظر في تنظيم ندوات علمية ذات صلة بالموضوع.